عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" (1)
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
(1) قوله: "إليه" من رواية أبي ذر عن الكشميهني
(2) أخرجه البخاري (6307)، وبوب عليه بقوله: "باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة".
(3) أي: يغطى ويلبس على قلبي، وأصله من الغين؛ وهو الغطاء. ينظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 406)، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية (15/ 283).
(4) أخرجه مسلم (2702).
ومن المعلوم: أن هذا العدد وما كان مثله ليس مقصوداً، وإنما المقصود هو الإكثار؛ ولذا جاء عند أبي داود (1524)، والنسائي في "الكبرى" (10218)، وصححه ابن حبان (923)؛ من حديث أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يعجبه أن يدعو ثلاثاً، ويستغفر ثلاثاً"، والله تعالى أعلم.
واعلم: أن الاستغفار يكون مستحباً؛ وهذا الأصل فيه، وأحياناً يكون واجباً، وأحيانا يكون محرماً.
أما الوجوب: فعند الوقوع في الذنب، وفي الصلاة في الجلسة بين السجدتين؛ وقد نص جمع من أهل العلم على وجوب الاستغفار في هذا الموطن.
وأما الذي يحرم في الاستغفار: فكما في قوله تعالى
{مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}
[التوبة: 113]
وأما الاستحباب: فمن المعلوم أن الإنسان لا يخلو من ذنب أو تقصير في القيام بما أوجبه الله عليه؛ ومن ذلك: ما جاء في أدبار الصلوات؛ فهو لجبر التقصير الذي يقع في الصلاة، ومثله ما جاء في الحج:
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُوا ٱللَّهَ ۚ}
[البقرة: 199]
ويتأكد ذلك: في صلاة الاستسقاء، وفي الصباح والمساء، وفي السحر خاصة في الثلث الأخير من الليل، وعند قرب الأجل ومن المواطن التي يشرع فيها الاستغفار: الصلاة، وقد ذكر ابن تيمية في "جامع المسائل" (6/ 274- 175): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الله المغفرة في أول الصلاة في الاستفتاح وفي الركوع، وبعد التحميد إذا رفع رأسه، وفي السجود، وفي الجلسة بين السجدتين، وفي دعاء التشهد؛ قال: "فلم يبق حال من أحوال الصلاة، ولا ركن من أركانها، إلا استغفر فيه؛ فعلم أن اهتمامه به أكثر من أهتمامه بسائر الأدعية".
ولا شك أن فوائد الاستغفار عظيمة، على رأسها: توبة الله على عبده في الدنيا والآخرة؛ فالاستغفار سبب رئيس لدخول العبد الجنة، وإعاذته من النار.
وأما في الدنيا: فكما قال تعالى:
{فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍۢ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍۢ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًا}
[نوح: 10-12]
وقال تعالى:
{وَيَٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}
[هود: 52]
التصنيف | أذكار الصباح |
المصدر | الدَّعَوَاتُ وَالْأَذْكَارْ اَلمَأثُورَةُ عَنِ النَّبِيَّ المُخْتَار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَومِ وَاللَّيْلَةِ |
عدد المشاهدات | 0 |