ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه المخرج في سنن الترمذي وسنن أبي داود وغيرهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ يَقُولُ: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ، وَإِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (1).
روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ" (1).
لقد ورد في السنة أذكار عظيمة متعلقة بما ينبغي للمسلم أن يقوله عند دخول المنزل، وفي الجملة يستحب للمسلم أن يقول عند دخول المنزل: بسم الله، وأن يكثر من ذكر الله، وأن يسلم سواء كان في البيت أحداً أم لا.
روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ" (1).
وقد دل هذا الحديث على أن ذكر المسلم لربه عند دخوله منزله، وعند طعامه وشرابه سبب حفظه ووقايته من الشيطان؛ إذا إن الشيطان يتبع المسلم وفي أحواله كلها، عند دخول البيت وعند الطعام والشراب وغير ذلك، فإذا ذكر المسلم ربه خنس الشيطان وأيس منه ولم يقربه، وكان في حفظ منه ومن مكره وكيده، وأما إذا غفل المسلم عن الذكر فإن الشيطان يلازمه ويشاركه في طعامه وشرابه ومبيته، والله تعالى يقول: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُۥ شَيْطَٰنًا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٌ} (2)، أي: يقارنه ويلازمه ويؤزه إلى المعاصي أزاً.
_______________________
(1) صحيح مسلم (رقم: 2018).
(2) سورة: الزخرف، الآية (36).
وذكر الله عز وجل طارد للشيطان حافظ للإنسان، والذاكر لله محفوظ من الشيطان بحفظ الله عز وجل، بل إن الشيطان ييأس منه ويدرك أنه لا سبيل له عليه.
ولهذا ورد في الحديث المتقدم أن الشيطان عندما يسمع الإنسان يذكر الله عند دخوله منزله وعند طعامه يقول: لا مبيت لكم ولا عشاء، أي: يقول ذلك لجنوده وأعوانه، فييأس هو وأعوانه من مشاركة هذا الذاكر لله في منزله وطعامه، وأما الغافل فإنه لا ينفك عن هذه المشاركة ولا يسلم منها، كما قال الله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَوْلَٰدِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا} (1)، وهذا في حق الغافلين، أما الذاكرون لله فأمرهم كما قال الله : {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَٰنٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا} (2).
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآية: "ذكر كثير من المفسرين أنه يدخل في مشاركة الشيطان في الأموال والأولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع، وأنه إذا لم يسم الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد في الحديث". أي حديثنا المتقدم.
ويُستحب للمسلم عند دخول المنزل أن يسلم سواء كان المنزل منزله أو منزل غيره، وسواء كان فيه أحد أم لا؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً ۚ } (3)،
_______________________
(1) سورة: الإسراء، الآية (64).
(2) سورة: الإسراء، الآية (65).
(3) سورة : النور، الآية (61).
قال ابن سعدي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا} نكرة في سياق الشرط، يشمل بيت الإنسان وبيت غيره، سواء كان في البيت ساكن أو لا، فإذا دخلها الإنسان {فَسَلِّمُوا عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ} أي: فليسلم بعضكم على بعض؛ لأن المسلمين كأنهم شخص واحد، من توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، فالسلام مشروع لدهوله سائر البيوت من غير فرق بين بيت وبيت، ثم مد هذا السلام فقال: {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً ۚ } أي: سلام بقولكم: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ إذ تدخلون البيوت {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ} أي: قد شرعها لكم وجعلها تحيتكم، {مُبَٰرَكَةً} لاشتمالها على السلامة من النقص وحصول الرحمة والبركة والنماء والزيادة، {طَيِّبَةً ۚ} لأنها من الكلم الطيب المحبوب عند الله، الذي فيه طيب نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة". ا هـ كلامه رحمه الله.
وقوله: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين عند دخول المنزل - ولا سيما غير المسكون - ورد فيه حديث، لكنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، ففي الموطأ للإمام مالك رحمه الله أنه بلغه: "أنه يستحب إذا دخل بيتاً غير مسكون أن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" (1)، وورد فيه كذلك بعض الآثار عن قتادة رحمه الله وغيره من السلف، لكن الاقتصار على ما ثبتت به السنة وهو أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسد وأكمل، سواء كان في البيت ساكن أم لا.
_______________________
(1) الموطأ (2026 - رواية أبي مصعب).
وقوله السلام عليكم عند دخول المنزل فيه بركة على الإنسان وعلى أهل بيته كما دلت على هذا الآية المتقدمة، وفي الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بُنَيَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ" (1).
ومن سلم إذا دخل بيته فهو ضامن على الله تعالى أي صاحب ضمان، ففي سنن أبي داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (2).
ورواه ابن حبان في صحيح ولفظه: "ثلاثة كلهم ضامن على الله، إن عاش رُزق وكفي، وإن ما أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ ومن خرج إلى المسجد فهو ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، ومن خرج في سبيل الله فهو ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ" (3).
وقوله: "ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ" أي صاحب ضمان، والضمان الرعاية للشيء، ومعناه أنه في حفظ الله ورعياته وتوفيقه، فما أجلها من عطية وما أعظمه من فضل، نسأل الله الكريم من فضله.
_______________________
(1) سنن الترمذي (رقم: 2698)، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (رقم: 1608).
(2) سنن الترمذي (رقم: 2494)، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (رقم: 1609).
(3) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (رقم: 499)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (رقم: 321).
التصنيف | مَا يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ المَنْزِلِ |
المصدر | الدَّعَوَاتُ وَالْأَذْكَارْ اَلمَأثُورَةُ عَنِ النَّبِيَّ المُخْتَار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَومِ وَاللَّيْلَةِ |
عدد المشاهدات | 0 |