{قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَٱتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلًا} (1)
وفي رواية (1): قالت: مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى صلاة الغداة - أو بعد ما صلى الغداة-. . . فذكر نحوه؛ غير أنه قال: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَرِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ" (2).
(1) رواية مسعر بن كدام، عن محمد بن عبد الرحمن، عن كريب، عن ابن عباس، به، وتابعه شعبة، والثوري.
(2) أخرجه مسلم (2726). وهذه الرواية الثانية هي الأرجح؛ لأنها رواية الجماعة، ومع ذلك: فالأولى ان يأتي الإنسان بهذه الرواية مرة، وتلك مرة؛ لقوة كلتا الروايتين.
والراجح أيضاً: أن تقول الذكر: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَرِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ" جميعاً، ثم تكرره كذلك مرة ثانية وثالثة؛ وهي رواية الجماعة، ورواية شعبة بتكرار كل جملة على حدة ثلاثاً؛ والأمر فيه سعة؛ وهذا مثل حديث التسبيح الذي يقال دبر الصلاة؛ فظاهر اللفظ: أن كل كلمة تقال على حدة ثلاثاً وثلاثين، وإن جمعت - كما فسر بذلك أبو صالح راوي الحديث - فلا بأس في هذا الحديث: فضل متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته؛ ودليل هذا قوله عليه الصلاة والسلام: "قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ"، مع أنها قد جلست ساعات طويلة، وهذه الكلمات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحتاج إلا إلى وقت يسير، ومع ذلك رجحت عليهن؛ فينبغي للعبد أن يحرص على السنة في كل أموره؛ فيختصر له جهده ووقته.
واعلم: أن متابعة السنة في هذه المسألة على نوعين:
الأول: في الشيء المخصوص الذي لا يجوز مخالفته بزيادة أو نقص أو تغيير هيئة أو وقت؛ كصلاة الاستسقاء، والسنن والرواتب، وغير ذلك؛ فمن المعلوم: أن العبد إذا أراد أن يأتي بها، فلا بد أن يلتزم بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
الثاني: الأمر العام غير المقيد؛ مثل الذكر المطلق؛ فلا شك أن السنة جاءت بالحث على الإكثار من الذكر؛ فهنا لا يجب على الإنسان أن يلتزم بما ورد بعينه، ولكن متابعته صلى الله عليه وسلم في ذلك والتزام ما جاء به هو الأولى؛ وهذا هو المقصود مما تقدم التنبيه عليه.
التصنيف | الأَذْكَارُ المُقَيَّدَةُ بِأَوَّلِ النَّهَارِ |
المصدر | الدَّعَوَاتُ وَالْأَذْكَارْ اَلمَأثُورَةُ عَنِ النَّبِيَّ المُخْتَار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَومِ وَاللَّيْلَةِ |
عدد المشاهدات | 0 |