روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ"
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: والله لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إني محتاج وعلي عيال، ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلة الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو الطعام..
إن من الأذكار العظيمة التي يستحب للمسلم أن يحافظ عليها كل ليلة عندما يأوي إلى فراشه قراءة آية الكرسي، التي هي أعظم آية في القرآن الكريم، فقد جاء في السنة ما يدل على فضل ذلك، وأن من قرأها إذا أوى إلى فراشه فإنه لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: والله لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إني محتاج وعلي عيال، ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلة الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو الطعام - وذكر الحديث إلى أن قال -: فأخذته - يعني في الثالثة - فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود، تعود قال: دعني أعلمك كلمات يتفعك الله بها، قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراسك، فاقرأ آية الكرسي {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ ۚ} (1)، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ فقلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: ما هي؟ قلت:
_______________________
(1) سورة: البقرة، الآية (255).
قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية {ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ ۚ} وقال لي: لم يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا. قال: ذاك شيطان"
فهذا الحديث فيه فضل هذه الآية الكريمة، وعظم نفعها، وشدة تأثيرها في التحرز من الشيطان والوقاية من شره، وأن من قرأها عند نومه حفظ وكفي ولم يقربه شيطان حتى يصبح؛ ذلك أن هذه الآية الكريمة فيها من توحيد الله وتمجيده وتعظيمه وبيان تفرده بالكمال والجلال ما يحقق لمن قرأها الحفظ والكفاية، ففيها من أسماء الله الحسنى خمسة أسماء، وفيها من صفات الله ما يزيد على العشرين صفة وقد بدئت بذكر تفرد الله بالألوهية وبطلان ألوهية كل من سواه، ثم ذكر حياة الله الكاملة التي لا يلحقها فناء، وذكر قيوميته سبحانه أي: قيامه بنفسه وقيامه بتدبير أمور خلقه، وذكر تنزهه سبحانه عن صفات النقص كالسنة والنوم، وبيان سعة ملكه سبحانه وأن جميع من في السماوات والأرض عبيد له داخلون تحت قهره وسلطانه، وذكر من أدلة عظمته أنه لا يمكن لأحد من الخلق أن يشفع عنده سبحانه إلا من بعد إذنه، وفيها إثبات صفة العلم لله سبحانه، وأن علمه سبحانه محيط لكل معلوم، فهو يعلم ما كان وما
_______________________
(1) صحيح البخاري (رقم: 2311).
سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وفيها بيان عظمة الله سبحانه بذكر عظمة مخلوقاته، فإذا كان الكرسي وهو مخلوق من مخلوقاته وسع السماوات والأرض فكيف بالخالق الجليل والرب العظيم، وفيها بيان عظمة اقتداره سبحانه، وأنه سبحانه من كمال قدرته لا يؤوده أي: لا يثقله حفظ السماوات والأرض، ثم ختمت الآية بذكر اسمين عظيمين لله وهما "العلي العظيم"، وفيهما إثبات علو الله سبحانه ذاتا وقدراً وقهراً، وإثبات عظمته سبحانه بالإيمان بأن له جميع معاني العظمة والجلال، وأنه لا يستحق أحد التعظيم والتكبير والإجلال سواه.
فهي آية عظيمة فيها من المعاني الجليلة والدلالات العميقة والمعارف الإيمانية ما يدل على عظمها وجلالة شأنها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها أعظم آية في القرآن الكريم كما في الصحيح "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فرددها مراراً ثم قال أبي: هي آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ" (1). أي: ليكن العلم هنيئاًً لك.
ومما يستحب للمسلم أن يحافظ عليه عند ما يأوي إلى فراشه أن يقرأ سورة الكافرون، ويجعلها آخر ما يقرأ فإنها براءة من الشرك.
_______________________
(1) صحيح مسلم (رقم: 810).
روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَفَعَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَالَ إِنَّمَا أَنْتَ ظِئْرِي قَالَ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا فَعَلَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ الْجُوَيْرِيَةُ قَالَ قُلْتُ عِنْدَ أُمِّهَا قَالَ فَمَجِيءُ مَا جِئْتَ قَالَ قُلْتُ تُعَلِّمُنِي مَا أَقُولُ عِنْدَ مَنَامِي فَقَالَ: اقْرَأْ عِنْدَ مَنَامِكَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} قَالَ ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنْ الشِّرْكِ"
وقد دل هذا الحديث على فضل هذه السورة، وفضل قراءتها عند النوم، والترغيب في أن ينام المسلم على خاتمتها، ليكون آخر ما نام عليه هو إعلان التوحيد والبراءة من الشرك، ولا ريب أن من قرأها وفهم ما دلت عليه وعمل بما تقتضيه، فقد برئ من الشرك ظاهراً وباطناً، وقد كان بعض السلف يُسميها: المقشقشة، يقال: قشقش فلان، إذا برئ من مرضه، فهي تبرئ صاحبها من الشرك.
وتسمى هي وسورة {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ} بسورتي الإخلاص؛ لأن فيهما إخلاص التوحدي بنوعية العلمي والعملي لله تبارك وتعالى.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على قراءتهما في ركعتي الفجر، فيفتتح بهما عمل النهار، وكان يقرؤهما في سنة المغرب فيختتم بهما عمل النهار، وكان يوتر بهما فيكونان خاتمة عمل الليل، وسبق أن مر معنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ} إذا آوى إلى فراشه، وفي حديث نوفل هذا الترغيب في قراءة {قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْكَٰفِرُونَ} عند النوم، فيكونان بذلك الخاتمة التي ينام عليها المسلم.
_______________________
(1) المسند (5/ 456) وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (رقم: 604).
التصنيف | أَذْكَارُ النَّوْمِ وَالاِسْتِيقَاظِ |
المصدر | الدَّعَوَاتُ وَالْأَذْكَارْ اَلمَأثُورَةُ عَنِ النَّبِيَّ المُخْتَار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَومِ وَاللَّيْلَةِ |
عدد المشاهدات | 0 |