التصنيفات

 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ"

سنتناول فيما يلي أنواعاً من الأدعية المأثورة في أبواب متفرقة، مع الإشارة إلى شيء من معانيها، وهي تدل على كمال هدي النبي صلى الله عليه وسلم وعظم شأن أدعيته، وتناولها لجميع أبواب الخير في جميع شؤون الحياة.

فمن السنة أن يقول من لبس ثوباً جديداً: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ، لما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث عَنْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ" (1).

وقوله: "اسْتَجَدَّ ثَوْبًا"، أي: لبس ثوباً جديداً.
وقوله: "أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ" من أعظم خيره أنه يستر عورة الإنسان، ويواري سوءته، ويحمل هيأته ويحسن مظهره ومنظره.

وقوله: "وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ" من أعظم شره أن يلبس على وجه الأشر والكبير والتعالي على الخلق، ومن لم يزن باطنه لم تغن عنه زينته الظاهرة شيئاً {يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَٰرِى سَوْءَٰتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (2).
______________________
(1) سنن أبي داود (رقم: 4030)، وسنن الترمذي (رقم: 1767)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 4664).
(2) سورة: الأعراف، الآية (26).

ويُستحب للمسلم إذا رأى على صاحبه ثوباً جديداً أن يقول: تبلي ويخلف الله تعالى، فقد روى أبو داود عن أبي نضرة قال: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا قِيلَ لَهُ تُبْلَى وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى" (1).

وقد جاء نحوه موفوعاً من حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنها، رواه البخاري في صحيحه (2).

ومن السنة أن يقول المسلم لمن صنع إليه معروفاً: جزاك الله خيراً، فإنها عظيمة وثناء بالغ روى الترمذي عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ" (3).
______________________
(1) سنن أبي داود (رقم: 4020)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح أبي داود (رقم: 3393).
(2) صحيح البخاري (رقم: 5824).
(3) سنن الترمذي (رقم: 2036)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 6368).

وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالبركة عند رؤية باكورة الثمر، روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ قَالَ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ لَهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ" (1).

ومن السنة إذا كان عند الإنسان شيء وخاف عليه من العين ذكر الله، والدعاء والاستعاذة.
قال الله تعالى: {وَلَوْلَآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ} (2).

وعن سهل بن حنيف، عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيُبَرِّكْهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ" رواه أحمد (3).

وعن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا" رواه الترمذي وابن ماجه (4).
______________________
(1) صحيح مسلم (رقم: 1373).
(2) سورة: الكهف، الآية (39).
(3) المسند (3/ 447)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 556).
(4) سنن الترمذي (2058)، وسنن ابن ماجه (رقم: 3511)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 4902).

وفي الحديث دلالة على عظم شأن هاتين السورتين، وعظم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما، وأنه لا يستغني عنهما أحد، وأن لهما تأثيراً خاصاً في دفع الجان والسحر والعين وسائر الشرور، وقد تضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة بحيث لم يبق من الشرور شيء إلا دخل تحت الشر المستعاذ منه فيهما.

ومن السنة ان يقول المسلم إذا رأى أحداً من أهل البلاء: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، وهي دعوة عظيمة نافعة من قالها حين يرى البلاء، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ بإذن لاله عز وجل، ففي الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ" (1).

وليحذر المسلم من الشماتة بأهل البلاء؛ فإنه لا يأمن أن يبتليه الله بما ابتلاهم فيه، يقول إبراهيم النخعي رحمه الله: "إني لأرى الشيء أكرهه ، فما يمنعني ان أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلى بمثله".

ومن السنة أن يدعو المسلم لأخيه إذا قال له: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، بأن يقول: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ، ففي سنن أبي داود عنه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمْتَهُ قَالَ لَا قَالَ أَعْلِمْهُ قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ" (2).
______________________
(1) سنن الترمذي (رقم: 3432)، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 6248).
(2) سنن أبي داود (رقم: 5125)، وصححه الألباني - رحمه الله - في الصحيحة (1/ 2 /779).

ومن السنة أن يسأل المسلم ربه من فضله عند سماع صياح الديكة، وأن يتعوذ بالله من الشيطان عند سماع نباح الكلاب ونهيق الحمر، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا" (1).

وروى أحمد وأبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ" (2).

ومن السنة أن يقول المسلم إذا دخل السوق: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. في الترمذي وابن ماجه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ دَخَلَ السُّوق: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ  أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ" (3).

والله المسؤول أن يعيننا جميعاً على كل خير، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل.
______________________
(1) صحيح البخاري (رقم: 3303)، وصحيح مسلم (رقم: 2729).
(2) سنن أبي داود (رقم: 5103)، ومسند أحمد (3/ 306)، وصححه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 620).
(3) سنن الترمذي (رقم: 3428)، وسنن ابن ماجه (رقم: 2235)، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع (رقم: 6231).

التصنيف أدعية مأثورة في أبواب متفرقة
المصدر الدَّعَوَاتُ وَالْأَذْكَارْ اَلمَأثُورَةُ عَنِ النَّبِيَّ المُخْتَار صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَومِ وَاللَّيْلَةِ
عدد المشاهدات 0